للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النار، معتقدا أنه مأذون له في ذلك، إذ أذن له في أصل الشفاعة، فرأى انسحاب الإذن له في جميع ما يشفع فيه إذ لم يُستثن عليه شيء حيث قيل له: سل تعطه واشفع تشفع، فلما شفع آخرا فيمن كان عنده مجرد الكلمة فقط أعلمه الله تعالى بأنه سبحانه هو المتولي لخروج ذلك الصنف خصوصا من غير شفاعة شافع.

وهذا الجواب إنما قلناه على أن نفرض صحة السؤال فنفرق به بين مقام النبي - عليه السلام - وبين مقامات غيره من الأنبياء فيما ذكرناه، وإلا فالسؤال مندفع باعتبار آخر، وهو أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لم يقل في الحديث شفعني (١) فيمن قال لا إله إلا الله، وإنما قال فيه: إيذن لي فيمن قال لا إله إلا الله، أي إيذن لي أن أشفع فيمن قال لا إله إلا الله تأدبا مع الله تعالى في حق هؤلاء مع كونه - عليه السلام - قد شفع في غيرهم المرة بعد المرة.

وإذا طلب - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الإذن في شفاعة من كان بهذا الوصف فقد اندرأ السؤال، إذ ليس فيه إقدام على الشفاعة بغير إذن سواء كان هذا الصنف من هذه الأمة أومن غيرها.

فإن قيل: فإذا فرضنا أن يكون ما ذكرتموه من التأويل منزلا على الأمم السالفة، فما معنى كون الله تعالى يخرجهم بمجرد قول لا إله إلا الله دون شفاعة أنبيائهم لهم؟


(١) في (ب): شفاعتي.

<<  <  ج: ص:  >  >>