فتكون هذه القبضة المذكورة في هذا الحديث، يفسرها قوله تعالى في حديث أنس:«وعزتي وكبريائي لأخرجن من النار من قال لا إله إلا الله»(١)، إذ لا يصح أن تكون القبضة المذكورة في هذا الحديث من الكفار أصلا، فإن قاعدة الشرع تقتضي أن الكفار مخلدون في النار غير خارجين منها أبدا.
ومما يدل على ما قلناه من أن من سأل (ق.٤٦.ب) شيئا لا يقتضي الحال إسعافه فيه أنه لا يسعف فيما طلبه قول الله تعالى: {وَنَادَى نُوحٌ رَّبَّهُ فَقَالَ رَبِّ إِنَّ ابُنِي مِنْ أَهْلِي وَإِنَّ وَعْدَكَ الْحَقُّ وَأَنتَ أَحْكَمُ الْحَاكِمِينَ}[هود: ٤٥]، فإنه سبحانه أخبر عن نوح بهذا القول ثم رد عليه بقوله:{قَالَ يَا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ فَلاَ تَسْأَلْنِ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنِّي أَعِظُكَ أَن تَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ} ... [هود: ٤٦].
وهكذا قول إبراهيم صلى الله عليه فيما حكى الله عنه إذ قال:{رَبِّ هَبْ لِي حُكْماً وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ}[الشعراء: ٨٣] إلى آخر الآيات، التي تقتضي الدعاء، وهي قد تضمنت قوله:{وَاغْفِرْ لِأَبِي إِنَّهُ كَانَ مِنَ الضَّالِّينَ}[الشعراء: ٨٦] ولم يجب فيه، إذ كان أبوه ليس محلا للمغفرة، ولذلك تبرأ منه بعد هذا الاستغفار له.
وما عدا ذلك مما ذكر في الآية فقد أجيب إبراهيم - عليه السلام - فيه، إذ كان هو في نفسه أهلا للمغفرة والكرامة وعدم الخزي له - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يوم القيامة.