للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإن قيل: فقد علم الله سبحانه أن النبي - عليه السلام - يسأل في آخر الشفاعة عما سأل فلا يجاب في سؤاله ولا يسعف في مطلبه، فكيف يقال له قبل سؤاله: سل تعطه واشفع تشفع.

فالجواب: أن الله تعالى إنما يمتحن عباده ويكلفهم التكاليف بأمره ونهيه، وبذلك أقام الحجة عليهم من غير أن يكتفي بسابق علمه فيهم.

يدل على ذلك أن الله تعالى قال للملائكة ومعهم إبليس: {اسْجُدُوا لآدَمَ} [البقرة: ٣٤] فسجدوا كلهم إلا إبليس فقال تعالى له (١): {مَا مَنَعَكَ أَلاَّ تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ} [الأعراف: ١٢]، ثم جعله من المطرودين عن رحمته، لكونه لم يمتثل الأمر مع (٢) أنه تعالى علم أنه لا يسجد عند أمره له بالسجود ولم يعذره بسابق علمه فيه.

وهكذا قال لآدم - عليه السلام - إذ نهاه عن أكل الشجرة فلما ارتكب النهي أخرجه من الجنة ولم يعذره بسابق علمه أنه يأكل من (٣) الشجرة بعد نهيه عنها.

وكذلك قال لموسى وهارون عليهما السلام: {اذْهَبَا إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى} [طه: ٤٣ - ٤٤]، فأقام الحجة على فرعون بتوجه موسى وهارون إليه وهو تعالى قد علم أنه لا يتذكر ولا يؤمن، ولم


(١) من (ب)، وفي (أ) كتبت في الهامش، ولا تظهر في نسختي.
(٢) من (ب)، وفي (أ) كتبت في الهامش، ولا تظهر في نسختي.
(٣) من (ب)، وفي (أ) كتبت في الهامش، ولا تظهر في نسختي.

<<  <  ج: ص:  >  >>