للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فصل

قد قدمنا أن من هو قليل الشر كثير الخير لا مدخل له في هذا الباب إذ هو من باب من رجحت حسناته، وأن من هو كثير الشر كثير الخير (١) لا مدخل له أيضا فيه، وإنما هو من باب من تتساوى حسناته وسيئاته، فلا معنى لفرض التنظير بين القسمين، لاكنا نتكلم عليهما بحسب ذلك الفرض فنقول: إن الحميدي مع أنه أدخلهما تحت الباب الذي هو رجحان السيئات لم يتخلص فيما قال في ذلك، فإن أكثر كلامه في هذا الفصل معترض.

فمن ذلك قوله: (فلم يبق إلا أن الكثير الشر مقدم في الدخول في النار على القليل الشر ليكون خروجهما معا بعد القصاص)، وهذا غير صحيح.

فإن بقاء من هو قليل الشر كثير الخير في النار حتى يخرج مع من هو كثير الخير كثير الشر ظلم في حقه، فإنه أكثر خيرا منه.

والذي يبين المفاضلة بين خيريهما وإن كان ظاهرهما التساوي ما نذكره، وهو أن من هو كثير الخير كثير الشر يسقط كثرة خيره بكثرة شره لتساويهما عنده، وأن من هو قليل الشر كثير الخير لا يسقط كثرة خيره جملة، وإنما يسقط منه ما يوازي قلة شره، وتبقى له بعد ذلك فضلة خير ليست عند الآخر، فيمتنع بها من دخول النار، فإن فرضنا دخوله فيها على مذهب الحميدي فسيكون خروجه منها قبل خروج صاحبه لكثرة خيره عليه.


(١) في (ب): كثير الخير كثير الشر.

<<  <  ج: ص:  >  >>