للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد ساق الحميدي الحجة على نفسه من الحديث بقوله: (إن أهل مقدار الشعيرة من الخير يخرجون من النار معا وإن أهل مقدار البرة يخرجون معا بلا شك).

وهذا القول صحيح لأن إخراجهم من النار إنما هو بتدريج زمرة بعد زمرة، وبينهما سجود ودعاء واستشفاع، فإذا أذن بخروج زمرة منهم خرجت بجملتها دفعة واحدة.

ويجب أن ننبه هاهنا على شيء، وهو أن الحميدي جعل (ق.٥٢.أ) هذا الحديث المتقدم عن أنس أصله في كثرة الخير وقلته حتى بنى على ذلك الأقسام التي ذكرها في تنظير صاحب الخير مع صاحب الشر في كثرتهما وقلتهما.

وفي ذلك نظر من حيث إن الموازنة إنما تكون بالخير والشر الزائدين على الإيمان، والحميدي وإن كان قد نص عند ذكره حديث أنس على أن تلك المقادير إنما هي مما سوى الإيمان الذي هو عنده قول لا إله إلا الله، وقال: إنما ذلك من الأعمال التي تسمى أيضا إيمانا كما تقدم له (١)، فهو لم يقف عند ذلك، بل جعل الإيمان من الخير الذي يوزن.

وقد قدمنا نحن ذكر الاحتمال في حديث أنس.

فإن كان المقصود بذكر الإيمان والخير فيه ما زاد على نفس الإيمان من الأعمال فذلك يوزن، وإن كان هو الإيمان الذي محله القلب فلا يصح وزنه أصلا، (٢) وسندل على ذلك في الموضع الذي نص الحميدي على أنه يوزن ونبين وهمه فيه (٣) بحول الله.


(١) ليست في (ب).
(٢) الإيمان بعضه محله القلب وبعضه أعمال الجوارح, وسنناقش المصنف في هذا في الموضع الذي أشار إليه.
(٣) من (ب).

<<  <  ج: ص:  >  >>