للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من يدخل النار أصلا لكون الإيمان لا توازيه معصية، كما قدمناه، فكان يرجح لهم في الموازنة جانب الحسنات على السيئات ولا بد.

وبالجملة فلو وزن الإيمان مع الحسنات لبطلت هذه الأقسام، ولرجعت قسما واحدا في رجحان الحسنات، فلما أخبر الشرع بوجود هذه الأقسام علمنا أن الإيمان لم يوزن لهم أولا، كما قررناه.

الأمر الرابع: إن الإيمان لو كان يوزن لكان من جنس الحسنات التي ترجح بالسيئات وترجح السيئات بها (١)، ولو كان الأمر كذلك لم يكن للمذنبين الذين دخلوا النار طريق إلى الخروج منها، لأنهم إنما يعاقبون على ما فضل من سيئاتهم على حسناتهم، وإذا وقعت الموازنة بحيث يسقط الإيمان مع الحسنات وتفضل السيئات المعاقب عليها فبأي شيء يخرجون من النار على هذا التقدير؟.

ولما أخبر الشرع بخروج المذنبين من النار على مقدار ما عند كل صنف منهم من الإيمان والخير علمنا بذلك أن الإيمان لم يدخل لهم في الموازنة، (٢) بل بقي لهم ثابتا حتى يخرجوا به من النار فذلك هو ثوابه، إذ يمنع من الخلود في النار ثم يورث الخلود في الجنة، والله أعلم.


(١) عفا الله عن المصنف, وهل الحسنات إلا جزء من الإيمان.
(٢) بل يوزن إيمانهم فتغلب سيئاتهم حسناتهم مع وجود أصل الإيمان في قلوبهم وأعمالهم وجوارحهم, فاستحقوا النار لغلبة سيئاتهم على حسناتهم, ويخرجون منها بعد لوجود الإيمان عندهم, وإن كان ضعيفا بخلاف الكافر فليس معه إيمان أصلا.
وبهذا يظهر بطلان قول المصنف.

<<  <  ج: ص:  >  >>