للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أبي عبد الرحمن الحبلي عن عبد الله بن عمرو بن العاص عن النبي - عليه السلام -، وقال فيه: حديث حسن غريب.

ولم يقض بصحته، وابن لهيعة ضعيف، وليث بن سعد إمام، وعامر بن يحيى لا نعرف (١) كيف حاله (٢)، وتعذر علينا الآن طلبه والبحث عنه لغيبة الكتب عنا، فإن لم يكن الحديث صحيحا فلا علينا منه.

الثاني: إنا إذا فرضنا الحديث صحيحا فليس فيه ما يدل على أن الإيمان يوزن، بل فيه ما يدل على أنه لا يوزن، وذلك أن الذي جُعل في الوزن إنما هي البطاقة التي فيها اللفظ الدال على الإيمان، وهو من الأعمال الظاهرة، وأما نفس الإيمان فمحله القلب وهو من الأعمال الباطنة (٣).

الثالث: إن هذا الشخص لو فرضنا أن الإيمان هو الذي وزن له للزم أن يوزن لجميع المذنبين لعدم الظلم في ذلك اليوم، ولو وزن لهم لرجحت حسناتهم كما في هذا الخبر، ولو رجحت حسناتهم لم يدخل النار أحد منهم (٤)،

وعندنا الإجماع المتيقن حاصل بأن في المؤمنين من يدخل النار لأجل الذنوب، ثم يخرجون منها إلى الجنة.


(١) في (ب): يعرف.
(٢) عامر بن يحيى المعافري المصري قال أبو داود والنسائي: ثقة. وذكره ابن حبان في الثقات وروى له مسلم. انظر التاريخ الكبير (٦/ ٤٥٧) والجرح والتعديل (٦/ ٣٢٩) وتهذيب الكمال وغيرها.
(٣) الإيمان عند أهل السنة محله القلب والجوارح فهو اعتقاد وقول وعمل, وليس محله القلب فقط كما تقوله المرجئة.
(٤) هذا مجرد وهم، فالإيمان مراتب ودرجات يزيد وينقص، كما قرره أهل السنة، وليس شيئا واحدا، كما تقول المرجئة: لا يتجزأ ولا يتبعض. ... =
= فإذا وزن كان كل مؤمن بحسبه، فمن رجحت حسناته دخل الجنة، ومن رجحت سيئاته دخل النار، ويخص الله بعض عباده بالعفو الذي لا يخص به غيره، وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء.
وكم أتعجب من غياب هذه الحقائق الظاهرة عن المصنف.

وهو يتوهم أن الإيمان هو التام الكامل، فلو وزن بأي كبيرة لرجح بها خلا الكفر، وهذا أصل المرجئة في قولهم: إيماني كإيمان جبريل.

<<  <  ج: ص:  >  >>