للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سيئة وكبيرة عملها ولم يتب منها لعذب أهل الأعراف على كبائرهم، إذ لم يتوبوا منها، فإنهم لو تابوا منها لسقطت عنهم ولم يحتاجوا إلى توقيف لرجحان حسناتهم حينئذ.

فإن قال ذلك القائل: إنما قلنا إن له سبحانه أن يعذب على سيئة واحدة إذا شاء ولم نلتزم (١) حتم العذاب على السيئات ولابد، وأهل الأعراف إذا لم يعذبهم فقد شاء ألا يعذبهم.

قلنا: هذا لا ينجيك مما ألزمناك، فإن الله تعالى إذا لم يعذب أهل الأعراف على كبائرهم وسوَّى بين جميعهم في ترك العذاب على كثرتهم (٢) فنعلم أنه سبحانه إنما لم يعذبهم لكونهم لم ترجح لهم سيئة واحدة يؤاخذون بها، وإن ذلك هو عدله الذي سبقت مشيئته به، وقد أخبر عز اسمه عن نفسه بأنه لا يظلم مثقال ذرة.

وإذا لم يعذب من تساوت حسناته وسيئاته فأحرى ألا يعذب من رجحت حسناته على سيئاته لما عند هؤلاء من رجحان الحسنات، فهم أعلى من الصنف الذي تساوت حسناتهم وسيئاتهم، لأنهم أكثر طاعات منهم، ومن المحال أن يضيع لهم ذلك عند الله تعالى، حتى يكونوا أسوأ حالا ممن هم أعلى منهم في جانب الطاعات.

وقد قال تعالى: {أَنِّي لاَ أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِّنكُم مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى} ... [آل عمران: ١٩٥].


(١) في (ب): يلتزم.
(٢) في (ب): أكثرهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>