للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بل نعلم أن الحسنات يضاعفها الله تعالى كما سبق به فضله ونفذت به مشيئته، فقد قال جل جلاله عن نفسه: {وَإِن تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِن لَّدُنْهُ أَجْراً عَظِيماً} [النساء: ٤٠].

ومن نظر إلى قانون الشرع رأى أن ميله إلى جانب الرحمة أكثر، وأن تغليبه جانب الرجاء في الجملة أظهر، ولذلك لما قال سبحانه: {غَافِرِ الذَّنبِ وَقَابِلِ التَّوْبِ} [غافر: ٣]، وقال: {شَدِيدِ الْعِقَابِ} [غافر: ٣] على جهة التخويف للمذنبين، لم يكتف بذلك حتى قال {ذِي الطَّوْلِ} [غافر: ٣] ليغلب رجاء المذنب خوفه كي لا يقع في القنوط.

فحصل قوله: {شَدِيدِ الْعِقَابِ} بين صفات:

إحداها: أنه تعالى غافر الذنب.

والثانية: أنه قابل التوب.

وما ذاك إلا للطفه سبحانه بعباده وحنانه عليهم.

والثالثة: أنه ذو الطول، وهي صفة الفضل والإحسان الزائدة على صفة الغفران.

وكذلك قال عز اسمه: {وَفِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ شَدِيدٌ} ... [الحديد: ٢٠] فوصفه بالشدة، ثم قال بإثره: {وَمَغْفِرَةٌ مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٌ} ... [الحديد: ٢٠]، فلم يقنع بذكر المغفرة حتى أردف عليها الرضوان، الذي هو أعلى منها.

ولهذا وغيره قال نبينا - عليه السلام -: «إن الله تعالى كتب كتابا فهو عنده

<<  <  ج: ص:  >  >>