فلنترك المباح من هذه الأقسام لخلوه من الثواب والعقاب، على أنه قد يلتحق بالنية بما فيه ثواب وعقاب، فإن من نام على قصد الاستعانة به على قيام الليل فهو مأجور، ولذلك قال معاذ لأبي موسى: أما أنا فأنام وأقوم (ق.٧٦.أ) واحتسب في نومتي ما أحتسب في قومتي (١).
ومن تطيب طيبا غير مشروع بأن لا يكون للجمعة ونحوها، بل للذة النفس وطيب الرائحة المجردة فذلك مباح، فإن اقترن بذلك أن يكون قصد المتطيب أن يشم عليه الطيب النسوان الأجانب وأهل الفساد فهو مأثوم.
لكن إنما يكون هذا بحسب النيات، وهو خارج بالحقيقة عن نفس الفعل الذي هو مباح.
فلنبق المباح على الحد الذي حده الفقهاء ولنتخطه فيما نريد أن نتكلم عليه من هذه الأقسام.
فنقول: ينقسم أهل التكليف بعد الإيمان أربعة أقسام:
- القسم الأول: من فعل الواجبات والمندوبات وترك المحظورات والمكروهات.
وهذا القسم هو الطبقة العالية، لأنها فعلت ما عليها من الواجبات وتركت ما عليها أن تترك من المحظورات، ثم أضافت إلى ذلك فعل المندوبات التي هي ثواب كلها وترك المكروهات الذي هو ثواب كله.
(١) رواه البخاري (٤٠٨٦ - ٤٠٨٨ - ٦٥٢٥) ومسلم (١٧٣٣) وأبو داود (٤٣٥٤) وابن حبان (٥٣٧٦) وأبو عوانة (٥٩٢١ - ٦٥٦٠) والبيهقي (٨/ ١٩٥) وعبد الرزاق (٣/ ٣٥٦ - ٤/ ٤٠٩).