هذا السؤال الذي فرض الحميدي إنما يلزم من يقول بإنفاذ الوعيد، وهو الظاهر من مذهبه بقوله في هذا الكتاب: ولا بد من ذلك، وهذا لا بد منه، وهذا ما لا يجوز غيره، ولا يمكن سواه، ونحو ذلك من الألفاظ التي مضت له فيما تقدم.
والسؤال لازم للحميدي، ولم ينفصل عنه، فإن قوله:(وقوع الجزاء على ما ذكرنا من مراتبه هو فائدة الشفاعة) لا (١) معنى له، فإن لفظ الجزاء إن كان أراد به العقاب فالشفاعة لا تقتضي وقوع العقاب ولا دوامه إن وقع قبل الشفاعة، وإنما تقتضي التخليص من العقاب، إما من أصله، وإما من الزيادة فيه.
وإن كان أراد بالجزاء الخروج من النار على ذلك الترتيب، فالخروج من النار ليس بجزاء، وإنما الجزاء للمذنبين هو المكث في النار.
وإذا لم يكن عند الحميدي ما ينفصل به عن هذا السؤال الذي شعر به وفرض الكلام فيه، فقد لزمه إبطال الشفاعة لا محالة، لأن الجزاء للمذنبين إذا