للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كان واقعا على كل دقيق وجليل من خير وشر، وهو معنى استيفاء القصاص منهم فقد بطلت الشفاعة، ولم يبق (١) لها فائدة أصلا.

ولنضرب لذلك مثالا محسوسا يتبين منه.

فنقول: إن السلطان إذا أوقع (٢) بأهل الجرائم في الدنيا ثم (٣) أودعهم السجن، فإن شفع فيهم بعض من يقرب من السلطان قبل أن يظهر من السلطان في أمرهم ما يوجب إطلاقهم فشفَّعه فيهم، فقد قبل الشفاعة وكان لها موقع في استنقاذهم من محبسهم، وإن بقي أمرهم كذلك عند السلطان حتى يعتقد أن الأدب قد أخذ مأخذه منهم فيأمر بإطلاقهم أو يكلمه بعض خدمته حينئذ فيهم ثم توجه عن أمره لإطلاقهم فيطلقهم فليس هاهنا شفاعة أصلا، إذ من المحال أن يقال عن من يتوجه لإطلاقهم إنه شافع فيهم، لكونهم قد استُوفي الحق منهم.

فيلزم الحميدي أن يكون نبينا - عليه السلام - وله المثل الأعلى بمنزلة من يرسله السلطان لإخراج من بلغ الأدب منه مبلغه، لأنه - عليه السلام - إذا شفَع فلم (٤) يشفَّع إلا فيمن أُخذ الحق واستُوفي القصاص منه، فإنه لم يشفَّع على الحقيقة في من شفع، لأن من هو بهذا الوصف يلزم إخراجه لا محالة دون شفاعة. (ق.٧٧.ب)


(١) في (ب): تبق.
(٢) في (ب): إذا وقع.
(٣) في (ب): ثم إذا.
(٤) في (ب): لم.

<<  <  ج: ص:  >  >>