ثم قال أبو عمر (١): جملة القول في أحاديث هذا الباب أنها من أحاديث الشيوخ، وفيها علل، وليست من أحاديث الأئمة، والقطع في هذا الباب بمثل هذه الأحاديث ضعيف في النظر، مع أنه قد عارضها ما هو أقوى مجيئا منها.
ذكر ابن عبد البر هذا في باب أبي الزناد من التمهيد عندما تكلم على الصبيان في قوله - عليه السلام -: «كل مولود يولد على الفطرة».
ونحن لم نذكر هذه الأحاديث إلا ليقف عليها الناظر ويعلم أنا لم نغفل ذكرها فيكون كلامنا على حكم من سمي فيها من أهل الفترة وغيرهم بعد إيرادها لئلا يعترض معترض بها، ويعتقد أنا لم نقف عليها.
وإذ تقدم ذكرها والتنبيه على ما لم نذكر منها، فنقول: إن قاعدة الشرع (ق٨٢.أ) ترد هذه الأحاديث من وجهين:
أحدهما: نص القرآن في قوله تعالى: {وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً}[الإسراء: ١٥]، وما كان مثله.
فإن الله تعالى أخبر فيه بأن العذاب إنما يقع على من قامت عليه الحجة في الدنيا ببعث الرسل إليهم.
والذين ذكروا في الأحاديث المتقدمة فيهم من لم تقم عليه الحجة لعدم الشرع، وفيهم من لا تقوم عليه الحجة أصلا وإن كانت الشريعة قائمة وهو المولود والأحمق.
فإن العقل الذي يتأتى به فهمُ الخطاب شرط في التكليف، كما تقرر