للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المطردة في عباده، ولم يستثن من ذلك أمة إلا قوم يونس، فإنه لما ذكر فرعون وأخبر عنه أنه لم ينفعه إيمانه عند المعاينة بقوله تعالى: {فَلَمَّا أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ قَالَ آمَنتُ أَنَّهُ لا إِلِهَ إِلاَّ الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ} [يونس: ٩٠].

فرد عليه (١) قوله وقيل له: {آلآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ} [يونس: ٩١]

مضى سبحانه في الكلام إلى قوله: {إِنَّ الَّذِينَ حَقَّتْ عَلَيْهِمْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ وَلَوْ جَاءَتْهُمْ كُلُّ آَيَةٍ حَتَّى يَرَوُا الْعَذَابَ الْأَلِيمَ}. ثم قال: {فَلَوْلَا كَانَتْ قَرْيَةٌ آَمَنَتْ فَنَفَعَهَا إِيمَانُهَا إِلَّا قَوْمَ يُونُسَ لَمَّا آَمَنُوا كَشَفْنَا عَنْهُمْ عَذَابَ الْخِزْيِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَتَّعْنَاهُمْ إِلَى حِينٍ} [يونس: ٩٦].

فاستثنى قوم يونس ممن لم ينفعه إيمانه، وأخبر أن قوم يونس لما آمنوا أزال عنهم العذاب الذي كان ينزل بهم لولا الإيمان.

ويشبه أن يكون إيمان قوم يونس كان عندما شعروا بالعذاب ورأوا مخائله، فبادروا حينئذ إلى الإيمان (٢) قبل المعاينة التي تكون معها مباشرة العذاب.

وإنما قلنا هذا التأويل لتبقى لنا الآيات المتقدمة محفوظة على ظاهرها من عدم الانتفاع بالإيمان عند معاينة البأس والعذاب، إذ أعلمنا تعالى بأن ذلك سنته في عباده.


(١) في (ب): عليهم، وهو خطأ.
(٢) في (ب): حينئذ بالإيمان.

<<  <  ج: ص:  >  >>