للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإذا ثبت أن الكفار والمنافقين لا ينفعهم هنالك إيمان، ولا يقبل منهم ما عسى أن يفتدوا به، وأن المذنبين من المؤمنين لا تتأتى لهم هنالك توبة تسقط بها الذنوب عنهم.

فكيف تصح تلك الأحاديث الموجبة على من لم يلزمه التكليفُ في الدنيا التكليفَ في الآخرة، حتى يلزمَ قوما عن ذلك التكليف الثوابُ بدخول الجنة لامتثال الأمر، ويلزمَ آخرين العقابُ بدخول النار المخلد فيها أهل الكفر، لتوقفهم عن امتثال الأمر، إذ جميعهم مأمور باقتحام النار التي تُجعل لهم على وجه الامتحان، وذلك هو معنى التكليف، وقد صح أن لا تكليف في الآخرة.

وإذا اندرأت تلك الأحاديث بمجموع ما ذكرناه مع كونها ليست بالصحيحة في أسانيدها، فنرجع إلى قاعدة الشرع.

فنقول: إن التكليف غير لازم لأهل الفترة، إذ لا خطاب عندهم، لعدم الرسل إليهم، والتكليف قد ثبت أنه لا يلزم إلا من قامت الحجة عليه والإنذار له.

وإذا لم يكونوا مكلفين لم يلزمهم عذاب في الآخرة، وإذا لم يكونوا معذبين فلا يدخلون النار يوم القيامة أصلا، لأن دخول النار إنما هو جزاء بالعذاب على الكفر والمعاصي، وأهل الفترة لا كفر عندهم لعدم إقامة الحجة عليهم، وإذا لم يدخلوا النار دخلوا الجنة، لأنهم باقون على أصل الفطرة وداخلون في آية عهد الذر، حيث قال الله لبني آدم: {أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى} [الأعراف: ١٧٢].

وأيضا فقد قلنا إنه ليس في القيامة موضع استقرار حاشى هاتين

<<  <  ج: ص:  >  >>