للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فدخل في جوف الصخرة شيطان يكلمهم (١).

وكانت العزى وهي سمرات ثلاث، وهي على خمس فراسخ من مكة، وكان أول من دعا إلى عبادتها عمرو بن ربيعة والحارث بن كعب فقال لهم عمرو بن ربيعة: إن ربكم اللات يتصيف بالطائف لبَرد الطائف، ويشتُو بالعزى التي بتهامة لحر تهامة، وكان في كل واحد منهما شيطانه.

قال عثمان: أخبرني محمد بن السائب أن اللات والعزى (ق.٩٣.ب) ومناة كان في كل واحد منهم (٢) شيطانة تتراءى للسدنة، وهم الحجبة، تُكلمهم، قال: وكانت بنو نصر وجشم وسعد بن بكر وهم عَجُزُ هوازن يعبدون العزى.

فانظر إلى أحوال العرب في إشراكهم وكفرهم وما كانوا عليه، وكيف كان أصل ذلك كله عمرو بن لحي، فنصب لهم الأصنام ودعا إلى عبادتها، ثم جعل لهم العزى يطوفون بها ويحلون عندها ولا يحلون عند الكعبة، وهكذا فعل بمناة، إذ نصبها على ساحل البحر، فكانت الأزد وغسان إذا أكملوا حجهم لا يحلون إلا بمناة، كما تقدم قبل هذا لابن إسحاق فيما حكاه عنه وثيمة.

وانظر إلى ضلال العرب كيف يقولون في عبادة الأصنام: {مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى} [الزمر: ٣].

فمن أخبرهم بأن ذلك يقربهم إلى الله ولا يبعدهم منه؟، ومن أنبأهم بأنه أولى من عكسه؟، وهل هذا كله إلا رجم بظنونهم وتحكم بآرائهم كما فعلوا في سائر دياناتهم؟.


(١) سقط من (ب)، وفي (أ) كتب في الهامش.
(٢) في (ب): منهما.

<<  <  ج: ص:  >  >>