كل ذلك بلفظ الجمع كما قلنا، ولا يخلو الأمر فيه من وجهين:
أحدهما: أن يكون جميع المشركين من العرب يفعلون كلهم ما نسب الله تعالى إليهم من الأفعال، فإن كان كذلك فقد حصل المقصود، إذ الفعل يكون منهم حقيقة.
والثاني: أن يكون بعض المشركين يفعل ذلك دون جميعهم، كما ذكر ابن إسحاق في الآية المتقدمة، فإن كان الأمر كذلك فيجوز أن ينسب ذلك الفعل إلى جملتهم بما نذكره.
وذلك أن المشركين بأجمعهم كانوا قد استووا في الإشراك، واستووا في اختراع الأحكام، فكل قبيل فعل منهم فعلا لم ينكر عليه غيره من سائر القبائل، بل يسوغون له ذلك، لكون تلك القبائل عندهم أيضا أفعال من جنس ما فعله ذلك القبيل، فلاستحسان جميعهم ما يفعله بعضهم وتصويبهم ذلك وعدم النكير منهم له انسحب عليهم إطلاق اللفظ بالفعل وإن كان لم يفعله جميعهم حقيقة.
واللغة تعضد هذا المعنى تقول العرب: قتل الأمير زيدا، إذا أمر بقتله، وإن لم يباشره بنفسه.
وجاء في الحديث: قطع رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يد المخزومية، ورجم ماعزا والغامدية، وإنما كان - عليه السلام - آمرا بذلك.
وفي الكتاب العزيز في قصة البقرة:{فَذَبَحُوهَا وَمَا كَادُوا يَفْعَلُونَ}[البقرة: ٧١].
والذبح لا يتأتي أن يكون من جميع بني إسرائيل الذين قال لهم