للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال ابن زيد (١): كل شيء جعلوه لله من ذبح لا يأكلونه حتى يذكروا عليه اسم الآلهة، وما كان من ذبح الآلهة لا يذكرون عليه اسم الله.

وقال مجاهد (٢): كانوا يجعلون لله جزءا ولشركائهم جزءا، فإذا ذهب ما لشركائهم عوضوا منه ما لله، وإذا ذهب ما لله لم يعوضوا منه شيئا، وقالوا: الله مستغن عنه.

وهذه الأقوال متقاربة في معنى الآية.

والمشركون الذي فعلوا ما نص فيها لم يكفهم الإشراك الذي أشركوا بالله حيث جعلوا له شركاء حتى جعلوا الشرك في الأنصباء التي جعلوها بزعمهم لله وللشركاء، ثم لم يقنعهم ذلك حتى حادوا عن العدل فيما فعلوه، فجعلوا النقص في السهم الذي جعلوه لله بزعمهم، ولم يجعلوه في سهم الشركاء، ولذلك قال تعالى: {سَاء مَا يَحْكُمُونَ} [الأنعام: ١٣٦]، لسوء صنيعهم وحكمهم بأهوائهم.

وأما قولهم فيما لم يُعوضوه لله: الله مستغن عنه، فهو منتقض مع كونهم يخرجون نصيبا لله أولا، فإن الله مستغن عنه، فهلا أسقطوا ذلك النصيب ابتداءا، فإن (٣) الله تعالى أغنى الأغنياء عن الشرك.


(١) رواه ابن جرير (٥/ ٣٥١) بنحوه.
(٢) رواه ابن جرير (٥/ ٣٥٠) بنحوه وزاد في الدر المنثور (٣/ ٣٦٣): ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبا الشيخ.
(٣) في (ب): لأن.

<<  <  ج: ص:  >  >>