للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلا أنهم قالوا نحن أهل الحرم فليس ينبغي لنا أن نخرج من الحرمة ولا نعظم غيرها، كما نعظمها نحن الحُمس، والحمس أهل الحرم، ثم جعلوا لمن ولدوا من العرب من ساكني الحل والحرم مثل الذي لهم بولادتهم إياهم يحل لهم ما يحل لهم، ويحرم عليهم ما يحرم عليهم، وكانت كنانة وخزاعة قد دخلوا معهم في ذلك.

قال ابن إسحاق (١): ثم ابتدعوا في ذلك أمورا لم تكن لهم حتى قالوا: لا ينبغي للحمس أن يأتقطوا الأقط ولا يسألوا السمن وهم حرم، ولا يدخلوا بيتا من شعر، ولا يستظلوا إن استظلوا إلا في بيوت الأدم ما كانوا حرما.

ثم رفعوا في ذلك فقالوا لا ينبغي لأهل الحل أن يأكلوا من طعام جاءوا به معهم من الحل إلى الحرم إذا جاؤوا حجاجا أو عمارا، ولا يطوفوا بالبيت إذا قدموا أول طوافهم إلا في ثياب الحمس.

فإن لم يجدوا منها شيئا طافوا بالبيت عراة، فإن تكرم منهم متكرم من رجل أو امرأة، ولم يجد ثياب الحمس (٢) فطاف في ثيابه التي جاء بها من الحل ألقاها إذا فرغ من طوافه، ثم لم ينتفع بها ولم يمسها هو ولا أحد غيره أبدا.

فكانت العرب تسمي تلك الثياب: اللقى، فحملوا على ذلك العرب فدانوا به ووقفوا على عرفات وأفاضوا منها وطافوا بالبيت عراة، أما الرجال فيطوفون عراة، وأما النساء فتضع إحداهن ثيابها كلها إلا درعا مفرجا عليها ثم تطوف فيه، فقالت امرأة من العرب وهي كذلك تطوف بالبيت:


(١) السيرة لابن إسحاق (١/ ١٢٦) مع اختلافات يسيرة.
(٢) كذا في السيرة لابن إسحاق وفي النسختين: احمس.

<<  <  ج: ص:  >  >>