للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اليوم يبدو بعضه أو كله ... فما بدا منه فلا أحله (١)

ومن طاف منهم في ثيابه التي جاء فيها من الحل ألقاها فلم ينتفع بها هو ولا غيره.

فقال قائل من العرب يذكر شيئا تركه من ثيابه فلم يقربه وهو يحبه:

كفى حزنا كربي عليه كأنه ... لقى بين أيدي الطائفين حريم

يقول: لا يُمس.

فكانوا كذلك حتى بعث الله محمدا - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فأنزل الله عليه حين أحكم له دينه وشرع له سنن حجه: {ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ وَاسْتَغْفِرُوا اللهَ إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ} ... [البقرة: ١٩٩]، يعني قريشا، والناس العرب، فرفعهم في سنة الحج إلى عرفات والوقوف عليها والإفاضة منها.

وذكر عن جبير بن مطعم قال (٢): لقد رأيت رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قبل أن ينزل عليه الوحي وإنه لواقف على بعير له بعرفات مع الناس من بين قومه حتى يدفع معهم منها توفيقا من الله له - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، قال: وأنزل الله عليه فيما كانوا حرموا على الناس من طعامهم ولبوسهم عند البيت حين طافوا به عراة وحرموا ما جاؤوا به من الحل من الطعام: {يَا بَنِي آَدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ


(١) رواه الحاكم (٢/ ٣٥٠) عن ابن عباس وصححه على شرطهما.
(٢) السيرة النبوية (١/ ١٢٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>