فهذه الآيات قد أطلق الله سبحانه على من ذكر فيها بأنهم مشركون، وأنهم يفعلون الفواحش، ويزعمون أن الله أمرهم بها وأنهم يفترون على الله الكذب في التحليل والتحريم، وذلك كله كفر، وإذا كانوا كفارا فحكم الكفار معلوم وهو المجازاة على ذلك بالنار والتخليد فيها أبد الآباد، وقد صرح الله تعالى لهم بالنار في قوله:{لاَ جَرَمَ أَنَّ لَهُمُ الْنَّار}[النحل: ٦٢] , وبالعذاب في قوله:{وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ}[النحل: ١١٧] , وبالمجازاة في قوله:{سَيَجْزِيهِم بِمَا كَانُوا يَفْتَرُونَ}[الأنعام: ١٣٨].
والظاهر من هذه الآيات التي ذكرناها في هذا الفصل أنها تنسحب على جميع العرب.
وقد تقدم أن الحجة لم تقم عليهم جميعا بمكة، والآيات المذكورة كلها مكية، وإذا انسحبت (ق.١٠٧.أ) عليهم فيؤخذ منها أنهم كفار في جاهليتهم، هذا على ما استقريناه من هذه الآيات وغيرها مما قدمنا ذكره، وقد وجدنا من القرآن النص على من كان في الجاهلية بالتكفير، وهو منزل على أهل الأوثان، وقد ذكرناه بعد هذا في فصل اقتضاه الكلام هنالك، وهو آخر الفصول المتكلم عليها في هذا القسم.