من تلحقه المغفرة أو لا تلحقه من (ق.١٠٩.أ) المكلفين الذين يستوجبون الثواب والعقاب بحسب الإيمان والكفر، أو من ألحقه الشرع بهم.
وأما من ليس بمكلف مثل الصنف المعذور أو من لم تبلغه الدعوة فلا تطلق عليهم المغفرة، فإنهم لا يحاسبون لعدم التكليف، وإذا لم يحاسبوا لم تقرر عليهم ذنوب تغفر لهم، وإنما يغفر ما يمكن أن يؤاخذ به من الذنوب، فإذا لم تكن مؤاخذة فلا غفران، وكونهم لا يعذبون هم في ذلك مثل المجانين والصبيان الذين لا يعذبون، إذ لا تكليف، وإن فرضنا دخولهم جميعا الجنة فذلك من الله تعالى تفضل محض وجود صرف من غير أن يطلق على ذلك غفران.
وأما الاعتراض الثاني: وهو أن إبراهيم - عليه السلام - استغفر لأبيه وهو مشرك فاعتراض صحيح، ونحن نجيب عنه (١) بحول الله فنقول: استغفار إبراهيم لأبيه إنما كان لوجهين:
أحدهما: إنه قد كان تقدم وعده له بذلك في قوله: {سَلَامٌ عَلَيْكَ سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ رَبِّي إِنَّهُ كَانَ بِي حَفِيّاً}[مريم: ٤٧]، فوفى له بالوعد حين استغفاره له.
والثاني: إن استغفاره كان في حياة أبيه، وإبراهيم طامع بإيمانه حينئذ.
وكنا قد استنبطنا هذين الوجهين مما فهمناه من القرآن قبل هذا، فلما شرعنا في تأليف هذا الكتاب وجدنا ذلك المعنى مسطورا للسلف.