للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم وصف لهم رب العالمين بقوله: {الَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ} [الشعراء: ٧٨]، ومضى في ذلك إلى أن رجع إلى الدعاء فقال: {رَبِّ هَبْ لِي حُكْماً وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ} [الشعراء: ٨٣] إلى قوله: {وَاغْفِرْ لِأَبِي إِنَّهُ كَانَ مِنَ الضَّالِّينَ} [الشعراء: ٨٦].

فظاهر هذه الآيات وقوع ما فيها متصلا بعضه ببعض، وذلك يقتضي أن الدعاء كان في حياة أبيه آزر، إذ (١) الدعاء متصل بمحاورة إبراهيم لأبيه وقومه, ويكون معنى قوله: {إنَّهُ كَانَ مِنَ الضَّالِّينَ} [الشعراء: ٨٦]، أي: فيما خلا من عمره، فإذا غفر له انتقل عن الضلال إلى الهدى، إذ لا تتصور المغفرة مع المقام على الشرك إلى الممات.

وإذا حملنا استغفار إبراهيم لأبيه على أنه كان في حياته (٢) اندرأ السؤال.

وليس في (٣) قول الله تعالى: {وَمَا كَانَ اسْتِغْفَارُ إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ إِلاَّ عَن مَّوْعِدَةٍ وَعَدَهَا إِيَّاهُ} [التوبة: ١١٤] (٤) ما ينافي ذلك (٥)، فإن الموعدة هي قوله: {سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ رَبِّي} [مريم: ٤٧]، على ما قلناه (٦).


(١) في (ب): إذا.
(٢) ونحوه لابن كثير (٢/ ٣٩٤)، ونسبه لابن عباس ومجاهد والضحاك وقتادة وغيرهم.
(٣) في (ب): ومما يدل على ذلك.
(٤) زاد في (ب): فلما تبين له أنه عدو لله تبرأ منه.
(٥) ليس في (ب): ما ينافي ذلك.
(٦) كذا في (ب)، وفي (أ): على تقدم.

<<  <  ج: ص:  >  >>