للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بفلسطين, وبعث يعقوب إلى أرض كنعان, وإسماعيل إلى جرهم, ولوطا إلى سدوم. فكان هؤلاء أنبياء على عهد إبراهيم - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.

وذكر المسعودي في كتابه (١) أن الله تعالى نبأ إسماعيل وأرسله إلى العماليق وقبائل اليمن فنهاهم عن عبادة الأوثان فآمن طائفة منهم وكفر أكثرهم.

ولا بد أن يصح إرسال إسماعيل إلى هؤلاء المذكورين، أو إلى جرهم, كما قال الضحاك، أو إلى الجميع حتى يصدق عليه كونه رسولا، ولا يمكن أن يكون رسولا إلى العرب، إذ كانوا غير موجودين حينئذ (وأيضا فقد أخبر الله أنه لم يرسل إليهم رسولا قبل محمد - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) (٢)، وأعني بذلك العرب الذين يرجعون إلى عدنان من ولد إسماعيل, لكن من كان منهم في الجاهلية متبعا لدين إبراهيم وإسماعيل فهو موحد على ذلك الدين, بدليل زيد بن عمرو, كما أن من غير دينهما فهو معذب بدليل عمرو بن لحي.

وأما جرهم فهم من العرب العاربة وفيهم تصاهر إسماعيل - عليه السلام -، وكانوا متمسكين بالحنيفية، وسبيلهم في الهلاك سبيل طسم وجديس والعماليق وغيرهم ممن دثر أمره، وعفا خبره.

ومما يؤكد ما ذكرناه في هذا الفصل أن إبراهيم صلى الله عليه دعا الله تعالى في إرسال نبي من أهل مكة إليهم، وذلك قوله: {رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولاً مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ إِنَّكَ أَنتَ


(١) مروج الذهب (١/ ٤٩).
(٢) من (ب).

<<  <  ج: ص:  >  >>