ولا يخلو أن يكون الرسول المذكور في هاتين الآيتين هو إسماعيل - عليه السلام - أو يكون محمدا - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، إذ لا يعلم بمكة نبي سواهما.
والقول بأن ذلك الرسول هو إسماعيل يبطل من ثلاثة أوجه:
أحدها: إن الدعوة التي دعاها إبراهيم - عليه السلام - شاركه فيها إسماعيل فكانت تلك الدعوة مشتركة بينهما، والدليل على ذلك أن الله تعالى حكى عنهما في أول القصة ما قالا في دعائهما, وذلك قوله:{وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ}[البقرة: ١٢٧] أي: يقولان ربنا تقبل منا.
يدل على ذلك قولهما:{رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِن ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُّسْلِمَةً لَّكَ}[البقرة: ١٢٨] إلى انقضاء الآية، ثم قالا آخرا:{رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولاً مِّنْهُمْ}[البقرة: ١٢٩] الآية.