للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يلزمهم الكفر به إذا (١) لم يجيبوه ويؤمنوا به, وقد أطلق الله تعالى عليهم اسم الكفر في جاهليتهم، وما ذاك إلا لعبادتهم الأوثان, وكانت اليهود حينئذ (٢) مؤمنين بشريعتهم، وإنما لزمهم التكفير بعد بكونهم عاندوا الحق وكفروا بالنبي - عليه السلام - بعد معرفتهم به بين ذلك بقوله: {فَلَمَّا جَاءهُم مَّا عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ فَلَعْنَةُ اللَّه عَلَى الْكَافِرِينَ} [البقرة: ٨٩].

فالعجب كيف انعكست الحال في الإسلام, فصار الكفار من أهل يثرب مؤمنين بالشريعة التي جاء بها محمد - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - , وصار اليهود المؤمنون بشريعتهم قبل (٣) كفارا بهذه الشريعة (الناسخة لجميع الملل) (٤) , ثم ينعطف عليهم التكذيب بشريعتهم ويلزمهم الكفر بها من حيث إنهم يجدون صفة (ق.١١٧.أ) محمد - عليه السلام - في التوراة, وهم مأمورون فيها بالإيمان به - عليه السلام - , فإذا لم يمتثلوا ذلك انسلخوا من شريعتهم زائدا على الانسلاخ من هذه الشريعة.

وقد جاء في التفسير (٥) أن الذين كفروا المذكورين في قوله: {يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا} [البقرة: ٨٩] هم العرب من غير أن يخص منهم أهل يثرب (٦) , وذلك أن ابن عباس قال: كانت العرب في الجاهلية يمرون على


(١) في (ب): إذ.
(٢) في (ب): إذ ذاك.
(٣) في (ب) بدل "قبل": حينئذ.
(٤) في (ب) مكان ما بين القوسين: التي جاء بها محمد - عليه السلام -.
(٥) تفسير ابن جرير (١/ ٤٥٦ - ٤٥٧).
(٦) في (ب): يخص بذلك أهل يثرب ولا غيرهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>