للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما من لم تبلغه الدعوة فكما يتصور وجودهم في زمان النبي - عليه السلام - كذلك يتصور وجودهم بعده - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلى اليوم وإلى قيام الساعة.

على أنه يبعد أن يكون في الأمم المجاورة لأهل (١) الإسلام من كل ثغر من ثغوره من لم تبلغه الدعوة، وقد انتشر الإسلام وبلغ ملك هذه الأمة في مشارق الأرض ومغاربها ما زُوي لنبينا - عليه السلام - منها (٢)، اللهم إلا (ق.١٢١.أ) أن يكون وراء هذه الأمم المجاورة لأهل (٣) الإسلام أمم غيرهم في أطراف المعمور، فيشبه أن يكون فيهم من لم تبلغه دعوة الإسلام ولا وصل إليه بعثة نبينا - عليه السلام -.

فمن كان بهذا الوصف وليس عنده إشراك ولا توحيد فقد سقط عنه التكليف في الدنيا والمؤاخذة في الآخرة، وكان مآله الجنة على ما تقدم.

كما أن من بلغته الدعوة ولم يؤمن بالشريعة فقد استحق العقوبة بالنار لقيام الحجة عليه، سواء كان كتابيا أو غير كتابي.

وإنما قامت على الجميع الحجة بإرسال النبي - عليه السلام - إلى الناس كافة وتبليغه القرآن للأمة حتى حفظوه ونقلوه نقل التواتر إلى من بعدهم عصرا بعد عصر، وهو المعجزة الباقية التي تحدى بها نبينا - عليه السلام - جميع الإنس والجن وصدع بذلك عن الله تعالى فيما أوحى إليه منه فقال: {قُل لَّئِنِ اجْتَمَعَتِ الإِنسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَن يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لاَ يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيراً} [الإسراء: ٨٨].


(١) سقط من (ب)، وفي (أ) كتب في الهامش، وعليه علامة التصحيح.
(٢) رواه مسلم (٢٨٨٩) وأبو داود (٤٢٥٢) والترمذي (٢١٧٦) وأحمد (٥/ ٢٧٨ - ٢٨٤) وابن حبان (٦٧١٤ - ٧٢٣٨) والحاكم (٨٣٩٠) والبيهقي (٩/ ١٨١) وابن أبي شيبة (٧/ ٤٢١).
(٣) سقط من (ب)، وفي (أ) كتب في أعلى السطر، وعليه علامة التصحيح.

<<  <  ج: ص:  >  >>