للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وبقوله تعالى فيما أنزل عليه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في السورة (١) المكية: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِّلنَّاسِ بَشِيراً وَنَذِيراً} [سبأ: ٢٨].

ومما يدل على ما قلناه من كونه لم يشغل تلك الليلة بغير ما وصفناه أنه لم يسأل عن دعائه لقريش وعما راجعوه به من تصديق له أو تكذيب به، لأن ذلك يتولاه الوحي الذي ينزل به جبريل على النبي صلوات الله عليهما مع مرور الساعات.

ولأن سؤاله تلك الليلة عن ذلك مما يقطع على النبي - عليه السلام - ما هو فيه من مشاهدة الجلال ورؤية الآيات الكبرى، ويشوش عليه السرور الحاصل عن تلك العجائب، بل أُفرد عن ذلك كله لتلك المشاهدة حتى كان بالوصف (٢) الذي وصفه الله في قوله: {مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَى} [النجم: ١٧] لثبات نفسه وربط جأشه، إذ لم يدهش، ولا طاش عقله كما فعل موسى حين خر صعقا، إذ لم يطق حمل ما انكشف له عند تجلي الله تعالى للجبل.

وهذا يدل على أن مقام النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (٣) فوق مقام موسى - عليه السلام -، ولذلك قال - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لو كان موسى حيا ما وسعه إلا اتباعي» (٤).


(١) في (ب): السور.
(٢) في (ب): في الوصف.
(٣) في (أ): - عليه السلام -.
(٤) رواه أحمد (٣/ ٣٨٧) وابن أبي شيبة (٦/ ٢٢٨) والبيهقي في الشعب (١/ ٢٠٠) من طريق مجالد عن الشعبي عن جابر.
ومجالد ضعيف، وبه ضعفه ابن حجر في الفتح (١٣/ ٣٣٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>