تفسير هذه الآية أن معناها أن النبي - عليه السلام - لم يدر ما يفعل به ولا بالمؤمنين ولا بالمشركين، حتى نزلت عليه سورة الفتح وأُعلم بأنه غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، وأخبر فيها بأن المؤمنين يدخلون الجنة والمشركين يعذبون في الآخرة.
وهذا من التفسير الذي ينبغي أن يرد على قائله، إذ لا يُحصل ما يقول، وكيف يصح أن يكون النبي - عليه السلام - يدعو إلى الله بمكة وهو لا يدري ما مآله ولا مآل من آمن به ولا من كفر، ثم يبقى النبي - عليه السلام - على تلك الحال من عدم المعرفة بما يفعل به وبهم مدة مقامه بمكة، ثم بعد الهجرة نحوا من سبعة أعوام حتى إلى عام الحديبية التي نزل في أمرها سورة الفتح، وحينئذ يعلم بمآل المشركين والمؤمنين.
إن هذا لقول (١) مهجور، ولو عقل صاحبه وتأمل سور القرآن لكان له ذلك زاجرا عن هذا القول، فأول ذلك ما في سورة الأحقاف التي (ق.١٢٧.أ) نزلت فيها الآية المتقدمة من ذكر الجنة والنار، قال الله تعالى فيها:{إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا جَزَاءً بِمَا كَانُوا