للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال في باب ابن شهاب عن سعيد بن المسيب عند قوله - عليه السلام -: «لا يموت لأحد من المسلمين ثلاثة من الولد» (١): قد أجمع العلماء على أن أطفال المسلمين في الجنة، ولا أعلم عن جماعتهم في ذلك خلافا إلا فرقة شذت من المجبرة فجعلتهم في المشيئة، وهو قول شاذ مهجور مردود بإجماع أهل الحجة الذين لا تجوز مخالفتهم ولا يجوز على مثلهم الغلط في مثل هذا إلى ما روي عن النبي - عليه السلام - من أخبار الآحاد الثقات. وذكر بعض الأحاديث التي سُقناها في هذا الباب.

فانظر كيف ذكر الإجماع على أن أطفال المسلمين في الجنة وأنه لا يعلم عن جماعة العلماء في ذلك خلافا، وجعل القول بالمشيئة فيهم قولا شاذا مهجورا، وهو قد نسب القول بالمشيئة في الباب الآخر إلى حماد وحماد وابن المبارك وإسحاق بن راهويه، وكيف يتصور الإجماع وهؤلاء خارجون عنه؟، وإنما يطرأ هذا على أبى عمر من الغفلة.

ونحن نقول: إن من ذهب من العلماء إلى أن أطفال المسلمين في المشيئة، لم يمعن النظر في الباب، وإنما تعلق في ذلك (ق.١٢٩.أ) بأحاديث محتملة للتأويل ليس فيها جلاء، وكان يلزمه إذا وجد فيها ما يظهر له منه التوقف في أمرهم أن يحمله على أن ذلك كان في أول الإسلام، إذ الذي استقر عليه الشرع فيهم هو ما قلناه من كونهم في الجنة لا في المشيئة، إذ لو كانوا في المشيئة لم يغفر لآبائهم بمصابهم فيهم ولا حجبوا عن النار بسببهم، ولا دخلوا الجنة بشفاعتهم.


(١) التمهيد (٦/ ٣٤٨) مع اختلافات يسيرة.

<<  <  ج: ص:  >  >>