للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالنار في حديث واحد، أو (١) كيف يقول - عليه السلام -: «ربك أعلم بما كانوا عاملين» (٢)، مجيبا لعائشة في احتجاجها بوجه صحيح، وهو أنهم لم يدركوا الأعمال ولم تجر عليهم الأقلام.

ونحن نعلم من قاعدة الشرع أن الله تعالى لا يؤاخذ الصغار بما عملوا قبل التكليف من زنا وشرب خمر، فكيف يؤاخذهم بما لم يعملوا أصلا لموتهم قبل الإدراك.

وقد أخبر الشرع أيضا بأن من همَّ بسيئة فلم يعملها لم تكتب عليه، فكيف يكتب ذنب على من لم يهم به ولم يعمله؟.

ويكفينا في إبطال هذا إجماع الأمة على أن الله تعالى لا يؤاخذ أحدا بما لم يعمل ولا سن العمل به.

وفي هذا كله ما يرد الحديث المتقدم ويبين أنه لا يصح، هو ولا الحديث الذي قبله.

ومما احتج به أيضا من ذهب إلى هذا القول قول الله تعالى: {وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُم بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ} [الطور: ٢١]، وهذا لا حجة لهم فيه، لأن الله تعالى لم يذكر في هذه الآية الكفار ولا ذريتهم، وإنما ذكر المؤمنين وإلحاق ذرياتهم بهم ولا يخلو هؤلاء الملحقون بآبائهم من وجهين:

أحدهما: أن يكونوا بالغين حد التكليف مؤمنين بالله، يدل على ذلك قوله: {وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُم بِإِيمَانٍ} [الطور: ٢١]، فشرط في الاتباع الإيمان.


(١) في (ب): و.
(٢) تقدم.

<<  <  ج: ص:  >  >>