ودليل ذلك من نفس الحديث قول عائشة:"وسألته عن أولاد المشركين"، فعمت بالسؤال، ثم لم تسأل إلا عن حكمهم في القيامة بقولها:"أين هم يوم القيامة؟ " وذلك اليوم هو مجتمع الخلائق أولهم وآخرهم وصغيرهم وكبيرهم فإذا قال: إنهم في النار، انسحب ذلك على جميع الأطفال على الإطلاق في أصناف الشرك.
هذا لو كان الخبر صحيحا، فكيف وقد أراحنا الله منه بتضعيف أهل الحديث لإسناده.
ثم في متنه أيضا ما يوهنه، وهو أن النبي - عليه السلام - أخبر عائشة أنهم في النار في أول الحديث، وذلك جزم منه - عليه السلام - على حكمهم في الآخرة، ثم قال لها: ربك أعلم بما كانوا عاملين.
وهذا اللفظ إنما يأخذ منه التوقف كما أخذه العلماء من مثل هذا اللفظ حسبما تقدم ذكره، والأحاديث التي فيها هذا المعنى، أعني الذي يؤخذ منها التوقف، ليس فيها ذكر النار، وهي الأحاديث الصحيحة، وقد قدمنا سياقتها في الفصل الذي قبل هذا، ثم أخبر - عليه السلام - في آخر الحديث أن الأطفال في النار بقوله:«لو شئت أسمعتك تضاغيهم في النار».
وهذا من الأمور التي يستأثر (ق.١٣٠.ب) بمعرفتها وإدراكها الرسول - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فكيف يُطلع غيره عليها إذا شاء، ومتى جاء عن النبي - عليه السلام - مثل هذا في حديث صحيح؟ ثم كيف يجتمع التوقف في أمرهم والحكم عليهم