فانظر إلى ما نقله مكي في قوله: فمن أدرك منهم الميثاق فوفى به نفعه الميثاق الأول، ومن أدرك الميثاق الآخر فلم يوف به لم ينفعه الميثاق الأول، ومن مات صغيرا قبل أن يدرك الميثاق الآخر مات على الميثاق الأول على الفطرة، كيف هو موافق لما قلناه.
ثم انظر قول ابن سلام فإنه فسر هذا المعنى فجعل من كُتب سعيدا يعمر حتى يؤمن بعد البلوغ، ومن كتب شقيا يعمر حتى يشرك بعد البلوغ، ومن مات صغيرا من أولاد المؤمنين فهو مع أبيه في الجنة، ومن مات صغيرا من أولاد المشركين فلا يكون مع أبيه في النار بسبب الميثاق الأول.
ثم ذكر الحديث تصديقا لمذهبه في كون جميع الأطفال في الجنة، وإن اختلفت درجات أولاد المؤمنين وأولاد المشركين فيها.
فإن صح الحديث وجب الوقوف عنده.
وفي كلام ابن عباس المتقدم: ثم كلمهم فقال: ألست بربكم؟ قالوا: بلى. فأشهد بعضهم على بعض بذلك الإقرار.
وهكذا في قول أبي بن كعب: قالوا بلى شهدنا أنك ربنا وإلهنا لا رب لنا غيرك.
فعلى هذا يكون قوله:{بَلَى شَهِدْنَا}[الأعراف: ١٧٢] من كلام الذرية، أي: شهد بعضنا على بعض.