للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذا القول متجه كما مضى عند ذكر الآية.

٢. ومنهم من قال (١):

إن الفطرة هي الإسلام.

وهذا القول لا يصح، فإن الإسلام له شروط، والمولود بمعزل عن معرفتها والتزامها، إذ لا يعقل شيئا في الحال حسبما هو مشاهد منه (٢).


(١) منهم أبو هريرة وابن شهاب وغيرهما.
ونقله ابن عبد البر عن عامة السلف (١٨/ ٧٢).
وقال ابن حجر في الفتح (٣/ ٢٤٩): وحكى محمد بن نصر أن آخر قولي أحمد أن المراد بالفطرة الإسلام. انتهى.
وممن قال بهذا القول: العلامة ابن القيم، قال في حاشية السنن (١٢/ ٣١٨): ويدل أيضا على أن الفطرة هي فطرة الإسلام، ليست الفطرة العامة التي فطر عليها من الشقاوة والسعادة لقوله: «على هذه الفطرة»، وقوله «على هذه الملة».

وسياقه أيضا يدل على أنها هي المرادة، لإخباره بأن الأبوين هما اللذان يغيرانها، ولو كانت الفطرة هي فطرة الشقاوة والسعادة لقوله: «على هذه الفطرة» لكان الأبوان مقدرين لها.
ونحوه لابن تيمية في الفتاوى (٤/ ٢٤٥).
وقال السيوطي في تنوير الحوالك (١/ ١٨٧): أي الإسلام، هذا أشهر الأقوال هنا.
وخالف قوله هذا في الديباج (٦/ ٢٢): هي ما أخذ عليهم وهم في أصلاب آبائهم فتقع الولادة عليها حتى يحصل التغيير من الأبوين.
(٢) قال ابن عبد البر في التمهيد (١٨/ ٧٧): يستحيل أن تكون الفطرة المذكورة في قول النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «كل مولود يولد على الفطرة»: الإسلام، لأن الإسلام والإيمان قول باللسان واعتقاد بالقلب وعمل بالجوارح، وهذا معدوم من الطفل لا يجهل ذلك ذو عقل.
لكن قال ابن تيمية في الفتاوى (٤/ ٢٤٧): ولا يلزم من كونهم مولودين على الفطرة أن يكونوا حين الولادة معتقدين للإسلام بالفعل، فإن الله أخرجنا من بطون أمهاتنا لا نعلم شيئا، ولكن سلامة القلب وقبوله وإرادته للحق الذي هو الإسلام بحيث لو ترك من غير مغير لما كان إلا مسلما.

<<  <  ج: ص:  >  >>