للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٣. ومنهم من قال: إن الفطرة هي ما قُضي على المولود مما يصير إليه من شقاء وسعادة وكفر وإيمان. (١)

وهذا القول إنما لاحظ فيه قائله المعنى الذي تؤول إليه حالة المولود عند موته بعد لزوم التكليف له، ويرد ذلك القول أمران:

أحدهما: إن لفظ الفطرة لا يصح أن يطلق في اللغة على تلك الحال المترقبة بعد.

والثاني: إن الكلام إنما هو في المولود الذي يموت صغيرا قبل التكليف وقبل أن يطلق عليه اسم الكفر والإيمان، إذ ليس كل مولود ينتهي في عمره إلى ما قالوه من تلك الحالة التي عبروا عنها بما يؤول إليه صاحبها من الشقاء أو السعادة. (٢)

٤. ومنهم من قال: إن الفطرة هي الخلقة التي خلق عليها المولود من المعرفة بربه (٣).


(١) وهذا قول ابن المبارك.
(٢) قال أبو عمر بن عبد البر (١٨/ ٨٢): ليس في قوله كما بدأكم تعودون ولا في "لن يختم الله للعبد بما قضاه له وقدره عليه حين أخرج ذرية آدم من ظهر" دليل على أن الطفل يولد حين يولد مؤمنا أو كافرا لما شهدت به العقول أنه في ذلك الوقت ليس ممن يعقل إيمانا ولا كفرا.
وقال (١٨/ ٨٣): وليس في قوله في الحديث «خلقت هؤلاء للجنة وخلقت هؤلاء للنار» أكثر من مراعاة ما يختم به لهم، لا أنهم في حين طفولتهم ممن يستحق جنة أو نارا أو يعقل كفرا أو إيمانا.
(٣) قال ابن عبد البر في التمهيد (١٨/ ٦٨): فكأنه قال كل مولود يولد على خلقة يعرف بها ربه إذا بلغ مبلغ المعرفة، يريد خلقة مخالفة لخلقة البهائم التي لاتصل بخلقتها إلى معرفة ذلك. انتهى. ... =
= قال ابن عبد البر (١٨/ ٧٠): هذا القول أصح ما قيل في معنى الفطرة التي يولد الناس عليها، والله أعلم، وذلك أن الفطرة السلامة والاستقامة.
ورجحه كذلك ابن عطية في المحرر الوجيز (١٣/ ٢٥٨)، والقرطبي في المفهم (١/ ٣٨٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>