للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال الله تعالى: {هَلْ تُجْزَوْنَ إِلاَّ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ} [النمل:٩٠]. وقال: {كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ} [المدّثر: ٣٨]. وقال: {كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ} [الطور: ٢١].

وجعل سبحانه لذلك الاكتساب والمؤاخذة به علامة، وهو التكليف الذي يترتب عليه الجزاء من الثواب والعقاب بحسب الإيمان والكفر.

فمن كان مكلفا بالشرائع كان مؤاخذا بما يكتسبه من الخير والشر، ومن سقط عنه التكليف سقطت عنه المؤاخذة.

وأما قتل الخضر للغلام مع كونه صغيرا فإنما كان رحمة لأبويه لئلا يرهقهما الغلام طغيانا وكفرا، إذا تحقق بالكفر بعد البلوغ.

نعم, ونقول: إن الصبي أدركته بركة أبويه المؤمنين, فإن قتله نظر له, إذ لو بقي حتى يكفر بعد لزوم التكليف له لكان ممن يستحق النار بكفره، ولا يتصور أن يقدم الخضر على قتل الغلام وهو صغير إلا بأمر من الله تعالى (ق.١٣٧.ب) وإعلام منه له بالسبب الموجب لقتله.

ولذلك قال تعالى حكاية عنه في آخر الآية: {وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي} [الكهف: ٨٢]. يعني وما (١) فعلت ما تقدم ذكره في الآيات قبلها عن أمري، وموسى - عليه السلام - كان قد غاب عنه ذلك الأمر، فلذلك أنكر قتله للغلام فيما أنكر عليه، إذ رأى أنه لا تقتل نفس بغير نفس فقال: {أَقَتَلْتَ نَفْساً زَكِيَّةً بِغَيْرِ نَفْسٍ} [الكهف: ٧٤].


(١) في (ب): ما.

<<  <  ج: ص:  >  >>