وأما قولهم إن الخصوص جائز دخوله على هذا اللفظ، واحتجاجهم على ذلك بقول الله عز وجل:{تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ}[الأحقاف: ٢٥] , ولم تدمر السماوات والأرض، وبقوله تعالى:{َفتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ}[الأنعام: ٤٤] , ولم تفتح عليهم أبواب الرحمة, فليس لهم في ذلك حجة.
ومعلوم من لسان العرب أن لفظة "كل" موضوعة للعموم والاستغراق (ق.١٣٨.ب)، إلا أن يدل دليل على خلاف ذلك مثل هاتين الآيتين، فإن تدمير السماوات والأرض لم يقصده الله تعالى بقوله:{تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ}[الأحقاف: ٢٥] , وإنما قصد تدمير كل شيء سخرت له تلك الريح، كما قال فيها:{مَا تَذَرُ مِن شَيْءٍ أَتَتْ عَلَيْهِ إِلَّا جَعَلَتْهُ كَالرَّمِيمِ}[الذاريات: ٤٢].
فكل شيء أتت عليه مما سخرت له، وجعل لها أن تمر به وتسفي عليه هو الذي دمرته, وذلك عموم فيما قُصد به الكلام.
وأما السماوات والأرض فلم يجعل الله تعالى تدميرها لغيره قبل يوم القيامة، الذي قضى فيه بتبديلها (١) فقال: {يَوْمَ تُبَدَّلُ الأَرْضُ غَيْرَ الأَرْضِ وَالسَّمَاوَاتُ}[إبراهيم: ٤٨].
وهكذا قوله:{َفتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ}[الأنعام: ٤٤]، فإن أبواب الرحمة لم تدخل في هذا العموم قط, لأن المقصود بتلك الأبواب إنما هي