للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الفطرة» فإن الشقي على الفطرة يولد أولا ثم يطرأ عليه من الضلالات المردية المبعدة له من رحمة الله ما تتحقق به شقاوته المكتتبة عليه في أم الكتاب.

والدليل على ذلك قوله في نفس الحديث: «فوالذي لا إله غيره إن أحدكم ليعمل بعمل أهل الجنة حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل النار فيدخلها» (١).

ألا ترى أنه - عليه السلام - أخبر بأن الشقي يعمل بعمل أهل الجنة أكثر عمره، فهو إذن ولد على الفطرة ونشأ عليها وعمل بمقتضى الملة، مع كونه كتبت شقاوته في بطن أمه بحسب الخاتمة التي ختم عليه (٢) بالكفر, وعلى هذا يحمل قوله - عليه السلام -: «إن الله خلق النار وخلق لها أهلا خلقهم لها وهم في أصلاب آبائهم» (٣).

فقد تبين بما ذكرناه أن الحديثين المتكلم عليهما لا حجة فيهما لهذه الطائفة المذكورة.


(١) رواه البخاري (٣٠٣٦ - ٣١٥٤ - ٦٢٢١ - ٧٠١٦) ومسلم (٢٦٤٣) وأبو داود (٤٧٠٨) والترمذي (٢١٣٧) وابن ماجه (٧٦) وأحمد (١/ ٣٨٢ - ٤٣٠) والبيهقي (٧/ ٤٢١ - ١٠/ ٢٦٦) والبزار (١٧٦٦) والطيالسي (٢٩٨) عن ابن مسعود.
وقال الترمذي: وهذا حديث حسن صحيح.
(٢) في (ب): عليها.
(٣) هو جزء من حديث عائشة الذي خرجه مسلم (٢٦٦٢): «طوبى له عصفور من عصافير الجنة» وقد تقدم.

<<  <  ج: ص:  >  >>