للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقال لبيد لقريش: متى كان السفهاء تحضر مجالسكم (١)، أو نحوا من هذا الكلام ,منكرا على عثمان ما قاله، إذ كان لبيد قد قصد العموم والاستغراق في المصراعين، فرأى أن اعتراض عثمان عليه بنعيم الجنة لا يلزمه، إذ لم يدرك ذلك ولا آمن به، واعتقد أن كل نعيم في الدنيا فإلى الزوال مصيره.

وصدق في هذا الاعتقاد.

وعثمان أدرك بنور إيمانه أن في الآخرة نعيما لا يزول فرأى أن لبيدا كذب في قوله، إذ قصد به العموم والاستغراق, وذلك منتقض عليه بنعيم الجنة.

ويكفينا هذا دليلا على قولنا، فإن لبيدا وعثمان كل واحد منهما حجة في اللغة, وقد اجتمعا على القول بالعموم في هذا اللفظ.

فلبيد رأى أن قوله عام غير منتقض، وعثمان رأى أن قوله عام منتقض عليه بما اعترضه.

وأما قوله: " ألا كل شيء ما خلا الله باطل "، فاتفقا على صدقه وعمومه، وكذلك هو، فإن نبينا - عليه السلام - قال: «أصدق كلمة قالها الشاعر كلمة لبيد: ألا كل شيء ما خلا الله باطل».

وفي القرآن العزيز: {كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ} [القصص: ٨٨]. (ق.١٣٩.ب).


(١) رواه الطبراني في الكبير (٩/ ٣٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>