للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقوله: {وَخَرَقُوا لَهُ بَنِينَ وَبَنَاتٍ بِغَيْرِ عِلْمٍ} [الأنعام: ١٠٠] أي افتروا عليه الكذب في قولهم إن الملائكة بنات الله (١).

وقد تقدم ذكر هذا المعنى في القسم الثالث من أهل الفترة، ومضى هنالك ما ذكره مسلم عن عبد الله بن مسعود في قوله عز وجل: {أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ} [الإسراء: ٥٧]، قال: نزلت في نفر من العرب كانوا يعبدون نفرا من الجن فأسلم الجنيون والإنس الذين كانوا يعبدونهم لا يشعرون فبقوا على عبادتهم لهم (٢).

وهذه العبادة قد يشبه أن تكون عبادة خالصة للجن، فيكون هؤلاء خلاف من جعل الجن شركاء لله.

وقد نطق الكتاب العزيز بعبادة من عبد الجن من المشركين، قال الله تعالى: {وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا ثُمَّ يَقُولُ لِلْمَلَائِكَةِ أَهَؤُلَاءِ إِيَّاكُمْ كَانُوا يَعْبُدُونَ قَالُوا سُبْحَانَكَ أَنْتَ وَلِيُّنَا مِنْ دُونِهِمْ بَلْ كَانُوا يَعْبُدُونَ الْجِنَّ أَكْثَرُهُمْ بِهِمْ مُؤْمِنُونَ} [سبأ: ٤٠ - ٤١].

فأخبر أن الملائكة تبرأت من أن تعبد، وذكرت أن الجن هم الذين كان الكفار يعبدونهم.

وقد أشار زيد بن عمرو في شعره المتقدم إلى هذا المعنى في الجن، وذلك قوله:

حنانيك إن الجن كانت رجاءهم ... وأنت إلهي ربنا ورجائيا


(١) خرقوا، أي اختلقوا وافترقوا، كما في تفسير الطبري (٧/ ٢٩٧).
(٢) رواه مسلم (٣٠٣٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>