للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقيل: لما كانت الجن ممن يخاطب ويعقل قال: {أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِّنكُمْ} [الأنعام: ١٣٠] وإن كانت الرسل من الإنس، وغلَّب الإنسَ في الخطاب كما يُغلب المذكر على المؤنث (١).

وإذا كانت الآية محتملة فليس فيها جلاء لما قاله الضحاك، لكن نعلم أن الحجة قد قامت عليهم بإرسال الرسل (٢) إليهم في الجملة، ولذلك قال الله عنهم وعن الإنس معهم: {قَالُوا شَهِدْنَا عَلَى أَنفُسِنَا} [الأنعام: ١٣٠]، أي: شهدنا على أنفسنا أن الرسل جاءتنا فلن نؤمن بهم.

يدل على ذلك قول الله تعالى في آخر الآية: {وَشَهِدُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ أَنَّهُمْ كَانُوا كَافِرِينَ} [الأنعام: ١٣٠].

إذ اعترفوا جميعا على أنفسهم بالكفر ولا يكون ذلك من الجن إلا بعد توجه الخطاب إليهم وإن لم نعلم المتوجه به إليهم بعينه قبل محمد - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.

ولنتكلم على ذلك بالاستقراء فنقول قال الله تعالى حكاية عن الجن: {يَا قَوْمَنَا إِنَّا سَمِعْنَا كِتَاباً أُنزِلَ مِن بَعْدِ مُوسَى مُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ} [الأحقاف: ٣٠].


(١) وهو قول كثير من المفسرين، انظر تفسير القرطبي (١٧/ ١٦٣) وابن كثير (٤/ ١٧٠).
قال ابن كثير عن الآية المذكورة: فالمراد من مجموع الجنسين فيصدق على أحدهما وهو الإنس، كقوله يخرج منهما اللؤلؤ والمرجان، أي أحدهما.
(٢) كذا في (ب)، وفي (أ): رسل.

<<  <  ج: ص:  >  >>