للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فأخبر أن الجن من جند سليمان، ولهذا (١) لما قال سليمان: {أَيُّكُمْ يَأْتِينِي بِعَرْشِهَا} [النمل: ٣٨]، قال عفريت له (٢) من الجن: {أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَن تَقُومَ مِن مَّقَامِكَ} [النمل: ٣٩].

وقال تعالى في موضع آخر: {وَلِسُلَيْمَانَ الرِّيحَ غُدُوُّهَا شَهْرٌ وَرَوَاحُهَا شَهْرٌ وَأَسَلْنَا لَهُ عَيْنَ الْقِطْرِ وَمِنَ الْجِنِّ مَن يَعْمَلُ بَيْنَ يَدَيْهِ بِإِذْنِ رَبِّهِ} [سبأ: ١٢].

فأخبر سبحانه أن من الجن من يعمل بين يدي سليمان بإذن الله، وهذا الإذن لابد أن يتلقوه ممن يلقيه إليهم، يدل على ذلك قوله: {وَمَن يَزِغْ مِنْهُمْ عَنْ أَمْرِنَا نُذِقْهُ مِنْ عَذَابِ السَّعِيرِ} [سبأ: ١٢].

إذ هذا وعيد لمن يزيغ من الجن عن أمر الله أي: يميل عنه، وأمر الله لا يعرفونه هم إلا بأن يتلقوه من سليمان مثلا، فحينئذ يتوجه الوعيد عليهم.

وتلقيهم الأمر من سليمان هو معنى الرسالة، فقد يظهر من ذلك، والله أعلم، أن سليمان رسول إليهم ولو في أمر ما من الأمور الخاصة به أو بهم، على أنا لا نعلم هل كان سليمان رسولا إلى بني إسرائيل أم لا، إذ ليس لنا دليل على رسالته إلا أن الله تعالى ذكر أنه أوحى إليه، إذ عدده في من أوحى إليهم في قوله: {إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِن بَعْدِهِ وَأَوْحَيْنَا إِلَى


(١) في (ب): ولذلك.
(٢) في (ب): له عفريت.

<<  <  ج: ص:  >  >>