وقال: إن استطعتم، ولم يقل إن استطعتما لأنه أراد جماعة الجن والإنس كما قال في آية أخرى:{يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالإِنسِ أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِّنكُمْ} ... [الأنعام: ١٣٠] على الجمع.
وأما قوله:{يُرْسَلُ عَلَيْكُمَا شُوَاظٌ مِّن نَّارٍ}[الرحمن: ٣٥] على التثنية، فإنه أراد الصنفين: الجن والإنس، وحسن بذلك بقوله:{فَبِأَيِّ آلَاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ}[الرحمن: ٢٣] الفاصل بين الآيتين، وفيه التثنية، أعني في قوله: تكذبان، فاتصلت التثنية بالتثنية.
وفي قوله تعالى:{يُرْسَلُ عَلَيْكُمَا شُوَاظٌ مِّن نَّارٍ وَنُحَاسٌ}[الرحمن: ٣٥] إخبار بأن الصنفين سواء في العذاب، بإرسال لهب النار عليهم ودخانها.
قال ابن عباس: الشواظ: اللهب الذي لا دخان فيه، والنحاس: الدخان الذي لا لهب فيه (١).
وفي هذه السورة:{فَيَوْمَئِذٍ لَّا يُسْأَلُ عَن ذَنبِهِ إِنسٌ وَلَا جَانٌّ}[الرحمن: ٣٩] فإضافة الذنوب إلى الصنفين دليل على أنهما سواء في التكليف.
وقوله:{وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ}[الرحمن: ٤٦] يدل على أنهما أيضا سواء في الثواب، أعني المؤمنين من الجن والإنس، لأن الصنفين دخلوا في هذا العموم بلا إشكال.
(١) رواه ابن جرير (١١/ ٥٩٦) وابن المنذر وابن أبي حاتم كما في الدر المنثور (٧/ ٧٠١) بنحوه.