للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تعالى وفي قبضته، ولذلك قال: {لَا تَنفُذُونَ إِلَّا بِسُلْطَانٍ} [الرحمن: ٣٣] أي: ببرهان (يكون لكم) (١) وحجة تستظهرون بها، وذلك معدوم عند الثقلين معا.

وقال الضحاك: معنى الآية: إن استطعتم أن تهربوا عن الموت فاهربوا فإنه مدرككم (٢).

وهذه الأقوال متجهة على أن تكون الآية خوطب بها الجن والإنس في الدنيا.

وفي الآية تأويل آخر وهو أن المخاطبة بها تكون يوم القيامة إذا أحدقت الملائكة بأقطار الأرض، وأحاط سرادق النار بالآفاق، فهرب (ق.١٥٠.أ) الخلائق ولا يجدون منفذا، كما دل على ذلك قوله: {إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ يَوْمَ التَّنَاد يَوْمَ تُوَلُّونَ مُدْبِرِينَ} [غافر: ٣٢] وقوله: {وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا وَجِيءَ يَوْمَئِذٍ بِجَهَنَّمَ} [الفجر: ٢٢] وقوله: {وَانْشَقَّتِ السَّمَاءُ فَهِيَ يَوْمَئِذٍ وَاهِيَةٌ وَالْمَلَكُ عَلَى أَرْجَائِهَا} [الحاقة: ١٦].

فعند هذه الحال إذا ند الخلائق يقال للجن والإنس: {إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَن تَنفُذُوا مِنْ أَقْطَارِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ فَانفُذُوا} [الرحمن: ٣٣]، معناه: إن قدرتم أن تتجاوزوا أقطار السماوات والأرض فتعجزوا ربكم حتى لا يقدر على عذابكم فافعلوا وانفذوا إلى الجنة، وأنتم لا تقدرون على ذلك، ولا تنفذون إلا بسلطان، يعني إلا بحجة ثابتة وعهد قائم فتنفذون على الصراط إلى الجنة.


(١) سقط من (ب).
(٢) رواه ابن جرير (١١/ ٥٩٤). وذكره القرطبي (١٧/ ١٧٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>