للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والفراغ في اللغة (١) على وجهين: يكون بمعنى الفراغ من الشغل، ويكون بمعنى القصد.

وهو في هذا الموضع بمعنى القصد، فكأن معنى قوله: {سَنَفْرُغُ لَكُمْ أَيُّهَا الثَّقَلَانِ} [الرحمن: ٣١] أي سنقصد لمجازاتكم بأعمالكم يوم الجزاء.

وقوله: {يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَن تَنفُذُوا مِنْ أَقْطَارِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ فَانفُذُوا} [الرحمن: ٣٣] معناه في قول ابن عباس (٢): إن استطعتم أن تعلموا ما في السماوات وما في الأرض فاعلموه، ولن تعلموه إلا بسلطان، أي ببينة من الله تعالى.

وعنه أيضا أن المعنى: لا تخرجون عن سلطاني وقدرتي عليكم (٣).

وهذا القول أشبه بمفهوم الآية، ويظهر ذلك بأن نزيد في العبارة عنه فنقول: يكون معنى الآية: إن استطعتم أن تخرجوا عن قهر الله وقدرته عليكم في التسخير فاخرجوا، وذلك لا يقدر عليه، إذ العالم بما فيه مسخر كله لله


(١) قال في اللسان (١٠/ ٢٤٢): وقوله تعالى: سنفرغ لكم أيها الثقلان، قال ابن الأعرابي: أي سنعمد.
واحتج بقول جرير: ولما اتقى القين العراقي باسته ... فرغت إلى العبد المقيد في الحجل.
قال: معنى فرغت: أي عمدت.
وفي حديث أبي بكر رضى الله عنه: افرغ إلى أضيافك، أي اعمد واقصد.
ويجوز أن يكون بمعنى التخلي والفراغ لتتوفر على قراهم والاشتغال بهم.
(٢) رواه ابن جرير (١١/ ٥٩٤).
(٣) رواه ابن جرير (١١/ ٥٩٤) والبيهقي في الأسماء والصفات وابن المنذر وابن أبي حاتم كما في الدر المنثور (٧/ ٧٠١).

<<  <  ج: ص:  >  >>