إذا ثبت انقسام الجن إلى الثلاثة الأقسام المتقدمة ثبتت الموازنة لهم، إذ بها يعلم الصالح الذي ترجح حسناته ومن هو دونه في الصلاح ممن ترجح حسناته أيضا، وقد يكون فيهم من تستوي (١) حسناته وسيئاته، ومن ترجح سيئاته على حسناته، لأن التكليف يقتضي وجود هذه الأقسام، من حيث إن المكلفين يتعذر أن يكونوا جنسا واحدا لكونهم طبقات في الخير والشر.
وكما ثبتت هذه الأقسام للإنس فلتثبت للجن، إذ لا فرق، وهنالك أيضا يتبين الكفار من الجن المخلدون في النار.
والدليل على ما قلناه أن الجن من أهل التكليف، وإذا كانوا من أهل التكليف، دخلوا في عموم قوله تعالى:{وَالْوَزْنُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ}[الأعراف: ٨].
وهذه الموازنة هي مثل موازنة بني آدم، وقد تقدم ذكرها حيث تكلمنا مع الحميدي في الشطر الأول من الكتاب، فكل ما ذكرناه هنالك فهو مستتب هاهنا، فلا نحتاج أن نطول بذكره وإعادته.
وينبغي أن نقول في هذه الأقسام كما قلناه في أقسام بني آدم: أن من رجحت (ق.١٥٤.أ) حسناته من مؤمني الجن فهو في الجنة من غير عقوبة، ومن