ثم الخامسة: من أدى الفرائض وقصر في بعضها، وتطوع، وعمل كبائر وسيئات ومات مصرا، إلا أن خيره رجح في الميزان على معاصيه، ولو بتكبيرة أو بحسنة هم بها ولم يعملها أو شوكة أزالها من الطريق، أو غير ذلك من مقدار الذرة فصاعدا.
كل هذا مسطور في نصوص القرآن والمسند الثابت عن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، ومعلوم انقسام الناس بضرورة المشاهدة.
فإن قال قائل: فإذ (١) الأمر هكذا، فما فائدة الشفاعة إذا؟ والجزاء واقع على كل دقيق وجليل من خير وشر لم يتب عنه فاعله.
قلنا وبالله تعالى التوفيق: وقوع الجزاء على ما ذكرنا من مراتبه هو فائدة الشفاعة بنص بيان رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بذلك في الخبر الذي أوردنا قبل.
ولولا تفضل الله تعالى بالشفاعة وقبولها لكان له عز وجل أن يخلدنا على سيئة واحدة في النار، ولولا رحمته بأن جعل الجنة جزاء لنا على قليل طاعتنا وعملنا، كما قال تعالى:{وَنُودُوا أَن تِلْكُمُ الْجَنَّةُ أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ}[الأعراف: ٤٣] لكان له عز وجل أن لا يدخلنا الجنة.
إذ ليس لأحد عليه تعالى حجة ولا حق، بل له المن على الجميع لا إله إلا هو.