للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ويمتص منها قوى المشاركات الوجدانية العامة، كما يُطفئ فيها شعلات العواطف الدينية والوطنية والإنسانية، وغيرها من العواطف غير الأنانية، وذلك لأن القوى النفسية كلها منصرفة إلى إمداد الجملة العصبية الغارقة في المتع واللذات الجسدية.

ومن وسائل تبريد حرارة الانفعالات الجماعة تفتيت الأمة إلى وحدات لا يثق أحدٌ منها بالآخر، وذلك لأن من شرط المشاركات العاطفية العامة وجود الجو الجماعي المتعاون، ومع تفتت الأمة وانعدام ثقة بعضها ببعض لا وجود للجو الجماعي المتعاون ولا للمشاركات العاطفية العامة.

الصورة الثانية: التلاعب بأهواء النفوس، واصطيادها بشباك الشهوات واللذات والمغريات، وتحويل ميلها عن الخير، إلى مرضيات شهواتها من الشر. ذلك لأن أصول الشر في الحياة تعتمد على تحرير النفس من الضوابط، أما أصول الخير فتعتمد على تكليف النفس جهد الصعود واجتياز العقبات.

وأهون الأمرين في يد الذين يحملون وظيفة الإغواء، والعبث بالنفوس، ونشر الشر في الأرض، وهم الشياطين وجنودهم.

أما الذين يحملون رسالة الإصلاح، وضبط النفوس، وبناء دعائم الخير في الأرض، وهم الرسل وأتباعهم، فرسالتهم رسالةٌ شاقة، وطريقهم طويلة، مملوءة بالعقبات، مشحونة بالمتاعب الكثيرة.

ولدى المحاولات التنفيذية لخطط التلاعب بأهواء النفوس تأتي كتائب الغزو غير المسلح، فتنتشر حبائلها التي تجذب إليها الحواس بمفاتنها ومغرياتها بصورة تدريجية، وذلك ضمن المجتمعات الإسلامية التي تهيمن عليها مفاهيم اجتماعية عامة، تمثل قوة الصيانة التي تملكها الجماعة، لحجز الأفراد عن الانزلاق الفردي، الذي قد يندفعون إليه تلبيةً لشهوة من شهوات نفوسهم، أو نزغة من نزغاتهم.

ويرافق ذلك دسٌ فكريٌ يهوِّن من شأن المفاهيم والتطبيقات الإسلامية السائدة.

أما الذي يحدُث من جراء نشر الحبائل التي تجذب إليها الحواس بمفاتنها

<<  <   >  >>