للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومغرياتها مع ما يرافقها من دسائس فكرية، فهو أن موجتين من الصراع النفسي داخل المجتمع الذي يتم فيه إجراء العمليات تصطدمان في محاولة تغلُّب إحداهما على الأخرى. أما الأولى فهي الموجة التي تمثل قوة الدفاع عن الأخلاق السائدة، والتطبيقات الإسلامية الموروثة، والمفاهيم الصحيحة. وأما الثانية فهي الموجة المتخاذلة بين يدي المغريات النفسية، المنشقة عن الاتجاه العاطفي نحو الخير والفضيلة، والمنحازة إلى صف العدو المهاجم الذي نشر في المجتمع حبائله.

ويتكرر التصادم، ويزيد العدو المهاجم من إلقاء حبائله المغرية الفاتنة يوماً بعد يوم، وتدعمه القوى المؤازرة له من داخل المجتمع أو من داخل النفوس، ومهما قويت موجة الدفاع على الموجة المتخاذلة المنشقة فإنها مع تكرار حركات التصادم، والإمدادات المستمرة من جهة الباطل، وفقد الإمدادات الفعالة من جهة الآخذين بالحق، لا بد أن تتناقص شيئاً فشيئاً، وتتصاغر وتضعف، ثم يصيبها الوهن، فتعزف عن الدفاع، ومتى حل فيها الركود أخذت تنحل تدريجياً، لتضيع في غمرة الفاسد الطامي.

وقد عرف هذا الأمر الأعداء الغزاة من شياطين الجن والإنس، فأحكموا خططهم على وفقه لإفساد المجتمعات الإسلامية عن طريق التلاعب بأهواء النفوس، واصطيادها بشباك الشهوات واللذات والمغريات.

وقد كان على القادة المسلمين في مقابل ذلك أن يعملوا بصمت وروية وتدبُّر لوضع خطط الإصلاح المضادة. التي من شأنها أن تحبط خطط الإفساد، مهما تكررت عمليات الصراع، وأن يضعوا في حسابهم كل احتمالات الهجوم المفاجئ، وأن يختاروا من الخطط ما يزيد من قوى الصمود والتقدم، لا ما يعطي بثاً دعائياً فقط، أو مظاهر فارغة ليس لها ثمرة حقيقية مجدية.

وليس وضع الخطط المضادة لخطط الأعداء بالأمر العسير، وإنما العسير هو التنفيذ، لأنه يحتاج إلى جنود عمل، وإلى دأب طويل، وصبر مديد، ومتابعة مستمرة، وجهد متواصل، ومن شروطه أن لا يستعجل العاملون فيه النتائج.

والأصول الأولى للخطط المضادة على ما أرى تعتمد على توعية أكبر مقدار

<<  <   >  >>