علامات قبحه من الأمور المنسية التي لا يلتفت الذهن إليها، وإن كانت مما تشهده الحواس، وهذا في القبيح النفسي أو القبيح الحسي، فكيف بالأمور التي لا يدرك قبحها إلا عن طريق الشرع، أو عن طريق التأمل العقلي العميق والنظر الفكري الدقيق، وهي جميلة لدى الحواس، لذيذة في النفوس، تهفو إليها الغرائز، وتميل إليها الأهواء والشهوات.
وبعد مرحلة الإلف تبدأ مراحل المسايرة، ثم مراحل الاندماج الكلي، والتحول التام، والتلاؤم مع واقع البيئة الجديدة.
فلا عجب أن نجد تقياً نقياً تحول إلى فاسق فاجر من الطراز الأول إذا استطاع شياطين الإنس أن يزجوا به في بيئة اجتماعية ماكرة، مملوءة بالعناصر الفاسدة الفاسقة، المنغمسة بالمال واللذة والنساء، والاستمتاع بأنواع الشهوات المحرمة، ومرافقات هذه العناصر، مما يحرك الغرائز ويهيجها، ويؤثر في النفوس ويستميلها.
وفي مقابل ذلك ربما يستطيع المصلحون أن يعملوا على تحويل فاسق فاجر إلى تقي نقي طاهر، إذا استطاعوا أن يغمسوه في بيئة اجتماعية كريمة، مملوءة بعناصر الصلاح والتقوى من غير تنفير، مزينة ببعض ما تحبه النفوس وتميل إليه مما أذن الله به وأباحه، ولا غرو أن يمر هذا في مراحل مناظرة لمراحل تحويلات البيئة الفاسدة لذلك التقي النقي.
وقد عرفت كتائب الأعداء الغزاة هذه الطبيعة النفسية عند الإنسان، فوضعت في منهاج عملها أن تسلك طريق غمس المسلمين في بيئات فاسدة منحلة خلقياً، تصدرها إليهم من خارج بلادهم، أو تستوردهم إليها، فستقدمهم بهجرات الدراسة أو العمل أو غير ذلك، وفي كلا الأمرين تتهيأ أكثر الظروف الملائمة لإفساد الأجيال من أبناء المسلمين إفساداً عملياً، عن طريق الغمس في المجتمعات الموبوءة بجراثيم الفساد الخلقي والسلوكي.
ومعلوم أن أهم عناصر هذا الإفساد العناصر التالية: المال - النساء - الخمر - المادية البحتة - أنماط العيش التي تعتمد على الرفاهية والمتعة واللذة وعدم المبالاة إلا بما تمتص طاقات الفكر والجسد من متعة ولذة ولهو.